On Human Curiosity...From LHC To ITER. [Arabic Article]

  أهلا بالجميع.  

كمتابع لمختلف المعلومات التي لها علاقة بكل ما علمي وتقني، أرى أن تظمين مختلف العلوم أو المعرفة بشكل عام في ذهنية الشخص، وحدادة طريقة تفكير تهدف إلى منهجة طريقة تفكير صحيحة وبين تخصصية حيال مختلف القضايا التي تواجه الشخص أو الإنسانية بشكل عام، فالعلماء وضحوا ذلك في العديد من المناسبات، فالقضايا في العالم أصبحت أعقد من أن تحل من طرف شخص واحد أو جهة واحدة، فقد أصبحت العديد من القضايا والمشاكل في العالم، رغم طبيعتها البسيطة تتطلب العديد من ذوي الإختصاص من أجل معالجتها، وهذا ربما يعطينا فكرة حول طبيعة التعليم، أو الإصلاحات التعليمية التي يجب أن تحدث تماشيا مع التحديات الجديدة التي تطرح نفسها في العصر الحديث، فالعديد من الدول تتعامل مع قضايا التطور العلمي من زاوية إقتصادية فريدة من نوعها، فمثلا نجد أنه من أنجع الدول التي تمارس هذا المفهوم هي الصين التي يمكننا رؤية السياسة التي تنتهجها في معدل النمو الذي تعرضه في كل سنة، فعملية ربط الأنظمة التربوية والجامعية بالأنظمة الإقتصادية سيساعد الدولة على مختلف الأصعدة، بداية من خلق يد عاملة وفيرة، مرورا إلى الحفاظ على مؤشر إجتماعي ثابت.   

على مر سنين كان بإمكاننا رؤية كيفية تعامل الإنسانية ومختلف الدول مع قضايا البحث العلمي بشكل عام، فالأموال التي تنفق حاليا حول البحث العلمي، والبحث على التكنولوجيات والإختراعات الجديدة لا تعد كبيرة مقارنة بزمن سابق، و ربما يمكن أن يحتار الشخص لما يعرف ذلك؛ يجب على الشخص أن يعرف أن البحث العلمي في حد ذاته لا يشكل مادة خصبة للتقدم إذ ما نظرنا إليه من زاوية النتائج الخام التي يمكن أن يخرج بها، لهذا، يجب على أي دائرة تريد الخوض في عملية البحث العلمي في مختلف أشكاله أن تعرف جيدا ما يعبر عليه البحث العلمي، إذ أنه يعبر على حدود الممكن، ويمثل عجز الإنسان على إيجاد وإقامة وإنتاج المعرفة لأنه يجهل ما عليه فعله، ولهذا تقوم عقيدة البحث العلمي على التجارب، مع إحتمال عدم الخروج بنتائج ملموسة، ولهذا يمكننا تفهم العديد من السياسات التي تنتهجها الدول الفقير، إذ أن تخصيص ميزانية للبحث العلمي يتنافى حسبهم مع العديد من السياسات التي تعد من الأولويات الوطنية.  

أن تخصص دولة ما قيمته 500 مليار دولار للبحث الطبي من أجل إيجاد عقار ضد مرض معين، لا يعني بالضرورة أن العقار سيتم إيجاده عند إنتهاء الغلاف المالي، لذا يمكننا فهم أن الأمر يشكل هاجسا حقيقيا بالنسبة للجميع، وتشارك العديد من الدول من أجل البحث في موضوع معين يشكل نموذجا أكثر منطقية للتعامل مع المصاريف الكبيرة التي تتطلبها العديد من الأبحاث العلمية.  

^{Maslow's Hierarchy of Needs By Factoryjoe}

لهذا علينا أن نفهم أولا طبيعة الإنسان، وماهي الأشياء التي يمكن أن تدفع به إلى البحث العلمي، يمكن أن تتعدد الأسباب من الحاجة إلى الرغبة في الثروة إلى أن يكون الإنسان مجبرا أو حتى الفضول والمشاعر والأخلاق، لكن الواضح هنا هو أن الإنسان يهتم أكثر بالبحث العلمي لما يتعلق الأمر بالثروة أو لما يكون مجبرا على ذلك من أجل تحقيق التفوق أو تحقيق الذات، فإذا نظرنا إلى الصراع على أنه شكل من التفاعل الإنسان أو على أنه سلوك إجتماعي طبيعي، يمكننا أن نفهم من جانب آخر أن هذا الصراع يولد الحاجة إلى التفوق، ولهذا يمكننا أن نرى أن العديد من التكنولوجيات الموجودة حاليا كانت وليدة فترة ما بين الحربين العالمية الأولى والثانية أين كان الإنفاق على البحث العلمي في أوجه، الأمر الذي نتج عنه العديد من الإختراعات، حتى مع نهاية الحرب العالمية الثانية، إنقسم العديد من العلماء الألمان على المعسكرين، فقد عرف كلتا المعسكرين مدى أهمية البحث العلمي، وأن التفوق لا يمكن أن يكون إلا عبر الحرص على البحث علمي. فالعديد من العلماء الذين كانوا يتخصصون مثلا في صناعة الدبابات والطائرات وتقانة الإتصالات توجهوا بعد الحرب العالمية الثانية إلى قطاعات أخرى من أجل توفير العيش، ولهذا، نجد أن العديد من التكنولوجية التي تم إيجادها في فترة حرب، تم العمل عليها وإدماجها في الأرضية الصناعية لمختلف الدول، من قطاع صناعة السيارات والطائرات، إلى صناعة الغواصات والسفن، ولكن الحقيقة هنا أن التأثيرات كانت قد مست مختلف أشكال الظاهرة الإنسانية.  

يمكننا رؤية من هنا أن الأوقات العصيبة لها دور كبير في التأثير على البحث العلمي، فمن المرجح أنه لن يتم الاهتمام بفيروس زيكا أو إنفلونزا الطيور إذا لم يكون يشكل تهديد على البشر حتى وإن أمكن فهم الاهتمام على أنه إقتصادي أيضا، الفكرة هنا هي أن من الصعب جدا توفير غطاء كبير للبحث العلمي في أوقات السلم، لهذا تعمد العديد من الدول والمنظمات والمخابر العلمية على مساعدة بعضها البعض والمشاركة في عمليات البحث العلمي وبناء المشاريع العلمية، خاصة الضحمة منها. 

^{Etienne Klein By Yves Tennevin}

في مقابلة تلفزيونية بخصوص حدث إكتشاف بوزون هيغز في مسرع الهيدرونات (Large Hadron Collider) الكبير يقول إيتيان كلاين (Etienne Klein) أن الهدف من مسرع الهيدرونات ليس القيام بحسابات دقيقة، وإنما القيام بعمليات إكتشاف لما هو مجهول، وهو بذلك يتكلم على بوزون هيغز الذي نظر له الحاصل على جاهزة نوبل بيتر هيغز (Peter Higgs) مع عدة علماء آخرين سنة 1964. لكن مثل هذه النظرية لم يكن ستتأكد ما لم يتم بناء مسرع الهيدرونات الكبير، ولهذا يتكلم إيتيان في هذا الموضوع على الثمن الذي يجب دفعه من أجل تحقيق و تأكيد مثل هذه المعلومات، إذ أن مخيلة العلماء يمكن أن تكون كبيرة وواسعة جدا، لهذا وجب تأكيدها في نهاية المطاف عبر التجارب الإمبريقية من أجل التحقق منها، ومن أجل القيام بذلك يجب إنجاز مشاريع متطلبة في بعض الأحيان، لهذا يمكننا أن نفهم صعوبة الأمر بالنسبة للعلماء خاصة أنه عليهم إقناع العامة والطبقة السياسة أنهم قاموا ببناء العديد من الأجهزة والآلات الضخمة، والتي كلفت العديد من المليارات من أجل إيجاد شيء لن يفيدهم بالضرورة، حتى لو أن نتائج مسرع الهيدرونات متوفرة للعامة إذ أنه يمكن لأي شخص أن يقوم بتحميلها من أجل دراستها مجانا. لكن المعضلة تبقى نفسها.  

لقد إستغرق مسرع الهيدرونات ما يقارب 30 سنة حتى يتم بنائه، وقد كلف ما يقارب 8 مليار دولار، بالإضافة إلى 20 مليون دورا سنويا تذهب من أجل دفع تكاليف الطاقة الكهربائية بالإضافة إلى العديد من المصاريع الأخرى التي تتعلق بالعمال والصيانة والإتصالات، كما أن التجارب تكلف بين1-5 مليار دولار سنويا، كما قدر العديد من الباحثين أن مجمل التجارب التي تم إعتمادها حتى تم إيجاد بوزون هيغز قدرت بـ 13.25 مليار دولار. لكن هناك دائما معلومات متضاربة حول القيمة الحقيقية لبناء المسارع، إذ أن مصادر رسمية تعطي أرقام بين 13-50 مليار دولار، ولكن مشكلتنا هنا لا تتعلق بماهية الرقم الصحيح بقدر التأكيد على حقيقة الغلاف المالي الكبير الذي وجب إعتماده، الأمر الذي تطلب تعاون المجتمع الدولي من أجل تحقيق ذلك، فالعبء أكبر من أن تتحمله دولة لوحدها، و كما قال إيتيان مثل هذه القيم الهائلة يصعب شرحها للمواطن البسيط خاصة وأن البحث العلمي يرتبط في أذهان العديد من الأشخاص على أنه شيء ملموس يمكن التعامل معه في حال ما إذا خرج بنتائج فعلية، عكس العديد من التجارب الذي يقوم بها مسرع الهيدرونات والتي تهدف إلى تعميق فهمنا للطبيعة من المستوى الفوق ذري إلى المستوى أو العالم الدون ذري(Subatomic particles).  

يمكننا أن نفهم من هنا أن البحث العلمي لا يتعلق فقط بالبحث العلمي في حد ذاته، بل يتعلق بشيء أعمق من هذا، شيء يتعلق بالسلوك الإنساني وحبه للبحث في الأشياء المجهولة، الفضول سمة في السلوك الإنساني، هذه السمة سمحت له مع مرور القرون بإكتشاف وإختراع العديد من التقانة التي سمحت له بتحسين ظروف حياته، ولكنها بطبيعة الحال لم تجب عن كل أسئلة الإنسان، بل خلقت أسئلة جديدة أكثر عمقا وغموضا على الإنسان أن يواجهها ويبحث عنها، هذا الدفع الباطني للإنسان مكنه من الإقتناع بأن الثمن لا يجب النظر إليه في رحلة البحث هذه، بل سيحاول دائما أن يذهب أبعد من ذلك، خاصة لما يتعلق الأمر بمحاولة البقاء، فالإنسان يبحث دائما عن كيفية التكيف مع محيطه، كما في رحلة بحث دائم حول الثروة و تحقيق الذات، وذلك سينعكس طبعا على الأبحاث التي يقوم بها، بل يمكننا أن نذهب إلى أبعد من ذلك، فالعديد من الأبحاث الممكنة حاليا تعد في نظر العديد من المجتمعات العلمية والطبقات السياسية في بعض الدول غير أخلاقية وتتنافى مع السلوك الإنساني، ولهذا يمكننا إيجاد العديد من الأفكار الممكنة، ولكنها غير مسموحة لعدة أسباب، أي أن إمكانية فعل الشيء لا يشير بالضرورة على أن الأمر يجب أن يقام. 

ومن بين أهم القضايا التي طرحت حولها مثل هذه المواضيع، هي القضايا التي تتعلق بالدراسات حول الخلايا الجذعية (Stem Celles) وقضايا التجارب التي لها علاقة مباشرة بدراسات الكيميرا (Human-Animal Chimera| Hybrid Studies)، ولهذا يمكننا فعلا أن نرى هنا أن البحث العلمي في مجمله يعد سلوك إنساني وإجتماعي بإمتياز، وقد أصبح له نصيب من المتغيرات الثقافية في مختلف المجتمعات، وهو بذلك يوضح لنا مدى إرتباطه بالسلوك الإنساني، كما يوضح لنا في نفس الوقت أيضا مدى إرتباط الإنسان ببيئته.

وفيما يخص المشاريع العملاقة أيضا، وخاصة بعد الإنتهاء من بناء مسرع الهيدرونات الكبير، هناك مشروع آخر في فرنسا تحت إسم المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي أو إيتر (International Thermonuclear Experimental Reactor)، هذا المشروع يهدف إلى القيام بالعديد من الإختبارات على كيفية تفاعل البلازما، وذلك عبر إستخدام تكنولوجية توكاماك (Tokamak)، ويهدف هذا المشروع إلى الخروج بنتائج تؤكد العديد من النظريات الفيزيائية التي ستسمح بإنتاج الطاقة بتكاليف أقل بكثير وذلك عبر تفاعل بلازما الديوتيريوم مع الليثيوم داخل التوكاماك.  مثل هذا المشروع مثل ما هو الحال مع مسرع الهيدرونات يتطلب غلاف مالي كبير جدا فاق إلى حد الآن 16 مليار دولار، وهو مرشح للإرتفاع وفق العديد من الخبراء في ميدان البناء الصناعي، ويشراك في هذا المشروع العديد من الدول التي تعد من العيار الثقيل مثل ما هو الحال مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والمملكة المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، إذ أن العديد من دول العالم تشارك في هذا المشروع الذي هو قيد البناء في فرنسا.  

ولعل أي شخص سيفهم من طبيعة المشروع أن التطبيقات المتاحة في حالة خروج المشروع بنتائج إيجابية سيكون له تأثير أو مردود إقتصادي كبير جدا على الدول المشاركة في المشور، إذ أن نجاح المشروع سيعطي بعد آخر للأسئلة التي تتعلق بالطاقة ومستقبل الطاقة التي هي من بين أكبر الهواجس التي تواجه الدول الصناعية الكبرى على وجه الخصوص والبشرية بشكل عام، فتشارك العديد من الدول التي لها العديد من الإختلافات الثقافية والسياسية يعطينا فكرة على طبيعة تفكير الإنسان، وأن العديد من المسائل الحالية التي أصبحت تواجهه لم يعد بإمكان أي أحد أن يعالجها بشكل منفرد، بالرغم من الإختلافات العديد، إلا أن الفضول تمكن أخيرا من التصادم الحضاري والأيديولوجي، لأن الهدف الذي يسعى إليه الجميع يفوق هذه الصراعات، إذ أنه يترك إنطباعا لا مثيل له في النفس البشرية، النفس التي دائما تبحث عن أسرار هذا الكون وسبب وجودها أو حتى مصيرها. ففي أحلك أيام التاريخ التي إقتربت فيه الإنسانية إلى الحرب الشاملة خاصة أثناء الحرب الباردة بين مختلف المعسكرين، تعالت العديد من الأفكار والسياسيين حول موضوع البشرية بشكل عام، فرغم العداوة الكبيرة التي كانت موجودة بين المعسكرين، إلا أن تصريحات العديد من السياسيين توحي بأن حدود معينة يجب وضعها للتعامل، فقد إتفق الجميع أن هذا الهواء، هذه الأرض هي بين الأشياء الوحيدة التي تجمعنا كبشر. توحي هذه الأفكار إلى العلاقة الفريدة من نوعها التي تربط الإنسان بالمجهول، وقد عبر العديد من العلماء على هذه الفكرة عبر تأكيدهم على طبيعة السلوك البشري حيال مختلف القضايا الهامة والمجهولة. لهذا يمكننا فهم أنه بغض النظر عن العديد من الصراعات التي تواجه البشرية بسبب الثروة والطمع والعديد من السلوكيات التي لها دور مباشر في معاناة البشرية إلا أنه من جانب آخر علينا الإقرار أنه هناك في الإنسان أكثر من مجرد الطبيعة الشريرة الذي تكلم عليها هانس مورغانطاو (Hans Morgenthau) والتي أطلق عليها إسم حب السيطرة حتى الموت (Animus Dominandi)، ولكن من جانب آخر نجد عدة مفكرين واقعيين على وعلى رأسهم جون ميرشايمر (John Mearsheimer) الذي يرى أن الفوضى في العلاقات الدولية والمجتمع لا تكمن في الطبيعة الشريرة للإنسان، وإنما تكمن في طبيعة هيكلة النظام الدولي، إذ لا توجد سلطة عليا تدير العالم، ولهذا وفي ظل عدم معرفة مقاصد الدول الأخرى، تسعى كل الدول على إكتساب أكبر قدر من القوة لمواجهة المجهول. 

مثل هذه النماذج في التكاتف العالمي يمكننا إيجادها في العديد من المشاريع التي تقع خارج حيز الفواعل الرسمية في العلاقات الدولية أو حتى المنظمات الدولية الغير حكومة، ويمكننا تأطير ذلك خاص في نطاق ثورة سلسلة الكتل التي حدثت أخيرا والتي نتج عندها عقيدة جديدة فيما يخص التعاملات المالية العالمية، وتأمين البيانات، وسرية التعاملات، والعديد من القضايا التي تعالج مفهوم الخصوصية، والديمقراطية، والأمن. فقد برزت العديد من المشاريع التي تمكنت من جمع العديد من الأشخاص في سبيل القضايا المشتركة مثل ما هو الحال مع مشاريع البحث العلمي التي تعتمد على الحوسبة الموزعة (Distributed Computing) والتي سمحت بمشاركة عدة جهات من أجل العمل لهدف مشترك، وقد وفر برنامج بوينك (BOINC) والعديد من البرامج الأخرى الوسيلة التي سمحت بتبسيط العملية وجعلها أكثر سهولة للتعامل معها خاصة من طرف المستخدم العادي، بالإضافة إلى العديد من المشاريع الأخرى مثل ما هو الحال مع شبكة المجتمع العالمي (World Community Grid)، لكن سنفهم من هنا وخاصة فيما يتعلق بالموضوع الذي هو قيد المعالجة أن المعضلة هنا لا تكمن هنا في إمكانية القيام بذلك تكنولوجيا، بقدر أهمية فهم السياق الثقافي لمثل هذه العمليات، خاصة تلك الأفكار التي تتعلق مثل ما تكلمنا سابقا عن المشاركة في مواضيع يرى الجميع أنها تمثل أفكار تتعدى السلوك النزاعي وتذهب إلى أبعد من ذلك، يمكننا رؤية أن هذا النموذج تحقق بمرجعية إقتصادية واضحة خاصة مع عملة غريدكوين (Gridcoin) فمثل ما يريد المفاعل الحراري التجريبي القيام به، تحاول هذه العملة الإلكترونية البحث أكثر في موضوع الجمع بين ما هو إنسانية، مع عقيدة البحث العلمي وتضمين المقاصد الإقتصادية في نموذج فريد من نوعه.  

في الأخير يمكننا القول أن الإنسان أقنعته حواسه أن هذه الحياة تحتضن عقيدة أعمق من التي كان يؤمن بها، و أنه يتمي إلى شيء أكبر من تلك الصراعات التي تهدف إلى الحصول على ما هو بائد، فضول الإنسان سلوك فطري كرس تطوره و سعيه إلى ما هو أفضل، وقد كرس ذلك بحثه وحربه من أجل البقاء، بحثه على الأبدية وتحسين حياته، شعوره أن الميراث يشكل عقيدة وتمثال لبحث الأولين عن الخلاص والحنين على ما هو حي ينبض، فقد شكلت الحياة لغزا نسج ملحمة إنسانية فريدة من نوعها ميزته عن بقية المخلوقات، فقد كرس بحث الإنسان عن مصيره وعن هدفه في هذه الحياة عمليات البحث ومحاولة محاكات الطبيعة التي سمحت له مع مرور الوقت إلى الإقتراب أكثر إلى التنوير، فقد كرست الفطرة هذا السلوك الفريد من نوعه، فقد كرست الفضول والإنجذاب إلى المجهول، لأن المجهول وحده هو الذي يحدد حدود المنطق والعقل، ولعل هذا الإفتتان الكبير بمحاولة فهم ألغاز الخلق سيساهم أكثر مستقبلا في حياكة الحياة البشرية، ذلك أن هذا البحث المستمر لم يزد الإنسان إلا جهلا بما حوله، ربما سنفهم من هنا أن الإنسان مقدر لأشياء أعظم تفوق قدرته على الإستنباط والحياكة الفكرية والتجريبية. مثل هذه القناعات رأينا هنا أنها تجسدت في العديد من المناسبات الدولية الهادفة، مبينتا وموضحة بذلك فكرة بسيطة جدا، وهي أن الإنسانية على فطرتها الحقة، لن تعمل إلا من أجل محاكات الطبيعة بحثا عن سبب وجودها.

-----------------

مراجع ومعلومات إضافية حول الموضوع

(1)(2)(3)(4)(5)(6)(7)(8)(9)

-----------------

For Science! By Victor Frankenstein