علمني طفل‎steemCreated with Sketch.

in #tristesse2 months ago

ذات يوم أصابني نوع من الاكتئاب ،ماعلمت السبب الحقيقي وراءه، فأنا والحمد لله أعيش وسط أسرة متوسطة وأشتغل وسط ظروف يمكن وصفها بالجيدة.لكن بدأت أحس في الاونة الأخيرة بحزن وقلق وتوتر .لم أعد أحسن التعامل هذا ماجعل الكثيرون ينزعجون مني قليلا،.بحث كثيرا عن حلول تخرجني من هذه الحالة،وجدت عدة حلول و نصائح….. ،من بينها التحدث الى شخص قريب،ملئ الفراغ،فعلا فكرت في ملئ فراغي بما يفيد وينفع ،فكرت في زيارة العائلة وصلة الرحم بينهم، فهي تطيل في العمر وتزيد البركة. فعلا عند نهاية الأسبوع قمت بزيارة صباحية مفاجئة لفرد من عائلتي انه سعيد، يقطن بنفس المدينة ولكن بحي اخر شعبي بسيط،اخر مرة رأيته فيها كان قبل 9 سنوات، قبل أن يتزوج هو الان متزوج وأب لطفلة تبلغ حوالي سبع سنوات ،و لطفل صغير لم يتجاوز بعد 5 سنوات، رحبت بي الأسرة كثيرا، رغم بساطتهم إلا أنني شعرت بارتياح كبير عندهم، وجدت فيهم الكرم والتواضع وحفاوة الاستقبال ،قامت الزوجة بتحضير وجبة الفطور ووضعت الصينية على الحصير، بعدها ذهبت لمناداة ابنتها، أما الطفل الصغير كان يجلس بجانب أبيه، وما أثار انتباهي كثيرا هي فرحة الطفل فقد بدأ يدور حول الصينية بسعادة ونشاط، ويردد دون توقف عبارة "أشياء صغيرة تخلق السعاده في المنزل" لم أعلم من أين أتى بهذه العبارة، المهم كان يرددها ببراءة وفرح، قلت في نفسي ربما يفعل هكذا دائما فهو طفل فالأطفال بطبيعتهم يحبون الأكل.

بدأنا نتناول وجبة الإفطارمعا،حينها تعمدت مراقبة الطفل الصغير الذي لم تفارقه الابتسامة من وجهه ،بعد أن أنهينا من الأكل ذهبت الزوجة الى السوق ،حينها جلست مع سعيد وتبادلنا أطراف الحديث عرفت حينها أنه يشتغل كبناء،وأنه المعيل الوحيد لأسرته الصغيرة ولوالديه اللذان يسكنان بالبادية،فسعيد يرسل لهم ككل شهر مبلغ ماليا،وفي حواره معي كان يردد باستمرار لفظ الحمد لله.لمست فيه القناعة والرضا، بعد حوار شيق مع سعيد استأذنني وبدأ يحاول اصلاح تلفازهم الصغير الذي يبدو عليه القدم،في تلك اللحظة كان الطفلان يلعبان بجواري ،حاولت مشاركتهم اللعب،حينها استغليت الفرصة وسألت الطفلة عن سبب فرحة أخيها اليوم أتناء تناوله لوجبة الفطور، أجابت ببراءة قائلة: "اليوم كان الفطور مختلف عن ماسبق لم يكن كما أعتدناه دائما الخبز والشاي،بل كان هناك ايضا الزيتون،هذا ماجعل أخي الصغير يسعد ويفرح" ابتسمت في وجهها والحزن يملئ قلبي، فهمت حينها ماذا كان قصده من ترديده لعبارة "أشياء صغيرة تخلق السعادة في المنزل" -كان يقصد الزيتون-.

أحب الفقراء لأنني منهم،القناعة والبساطة تميزهم وأبسط الأمور تسعدهم،نعم السعادة التي افتقدها للأسف الكثيرون، ليسا عيبا أن نكون فقراء ولا عيبا أن نكون أغنياء، لكن العيب أن أكون غنيا وأنسى الفقير الضعيف المحتاج.

علمني هذا الطفل الذي لم يتجاوز بعد 5 سنوات أن السعادة الحقيقية لاترتبط بالمال والغنى والفخامة،السعادة هي أن أكون راضيا بما قسمه الله قنوعا بما أملك ،السعادة هي أن أساعد الاخر دون أن أنتظر المقابل،السعادة هي الاطمئنان هي التوكل على الله سبحانه وتعالى وإتباع ماأمرنا به والابتعاد عن نواهيه.

كما علمني ذلك الأب الطيب الحنون أن نحمد الله في كل وقت وحين ورغم كل الظروف ،فالحمد لله دائما وأبدا.

زيارتي لهذه الاسرة أنساني حزني وهمومي، عن أي حزن أتكلم مادامت العين ترى واللسان ينطق، فأنا في صحة وعافية فأنا املك الخير كله.

تذكرت في تلك اللحظة المريض الذي لايفارق المستشفيات والسجين والمتشرد واليتيم ......نصيحتي لمن يقرأ هذا الكلام ان أحسست يوما باكتئاب أنظر الى من هم أقل منك وسارع الى الخير ومساعدة الاخر وقل دائما الحمد لله.

Sort:  
Loading...

Coin Marketplace

STEEM 0.19
TRX 0.14
JST 0.030
BTC 59737.47
ETH 3186.24
USDT 1.00
SBD 2.43