على مشارف الرحيل
أقضي بعض الوقت في التأمل في حديقة أشجار الكافور وسط أحد الحقول في قريتنا الصغيرة ؛ أرسم أحلاماً وردية ؛ أنقش حروف اسمي على أحد الأشجار كذكرى علها تخلد تلك اللحظات البريئة. ما أحسب أحداً أسعد مني في تلك اللحظات.
في بكور اليوم التالي ؛ صباح العيد ؛ أخرج من بيت عمي في أبهى صورة لطفل سعيد لا أبصر حولي أحداً من البشر, وقد تهادى الغيم الندي على الحقول الخضراء وكأن السماء أرسلت سحبها تلاطف نبت الأرض الأخضر أو ربما اتفقا أن يكونا في إستقبالي في صباح العيد؛ فما بقى في المشهد سوى ثلاثتنا, السحاب والحقل وأنا. إنه أحد المشاهد التي لم تمحى من وجداني يوماً.
يالحزني الآن؛ مر على هذا المشهد أربعون عاماً وبضع سنون قضيت خلالها رحلة طويلة في الحياة الأرضية ولست أدرى إن كان بقى في هذه الرحلة ما يجب أخطائي وزلاتي أم أني على مشارف الرحيل! ولكن ؛ لحظة..! ما الذي يجب أن يشغلني وقد أوشكت على الخمسين من العمر؟!
لقد أدركت الآن أن أسئلة كثيرة تصطف عند عتبة هذا العمر تبحث عن إجابات قبل الرحيل إلى الرحلة الأخيرة قبل الخلود.