Novel

in #novel7 years ago

تك .. تك .. تك .. صوت موحش يصل الى مسامعي وسط هذا الهدوء المخيف .. صوت دقات الساعة الحائطية التي اهدتني اياها احدا دور الطباعة كعلامة اشهارية لها .. ! لا يهم .. صوت دقاتها متباطء وضئيل بشدة بالكاد اسمعها .. طغى صوتها الدقيق على المكان وكسر هدوئه ، وكانما بها طرقات طبول حرب .. تصل الى مسامعي بهدوء وتناغم وكانها موسيقى الحرب لبتهوفن .. لا اعلم لما ركزت معها هاته اليلة .. ربما لانها ليلة طويلة لم اتسلح لها جيدا .. اتسائل كثيرا كيف سامضيها .. انا غريب في هذا المكان مضى اكثر من اربع عشر سنة وانا اقيم في هاته الغرفة النائية بمدينة البندقية او 'فينيجيا' كما يسميها اهلها .. مدينة رائعة وجميلة في شمال ايطاليا الا اني رغم المدة الطويلة التي امضيتها هنا لم يكن لي اصدقاء ولا ازال غريبا فيها مثل اول يوم اتيتها فيه .. اتذكر جيدا ذاك اليوم حين حططت رحالي بعد مشقة سفر .. كان يوما رأئعا انذاك كنت شابا طموحا لم اتجاوز الرابعة والعشرين من عمري كانت احلامي شاسعة مثل الكون الجميل .. وصلت المدينة على الساعة الرابعة بعد الظهر .. كنت مفلسا وجائعا جدا كل همي ان اجد مطعما رخيس الثمن لاملئ معدتي بمبلغ لا يتجاوز الثلاث قطع نقدية فكل ما في جيبي عشرون قطعة .. ثلاث منها للأكل و سبعة للحانة فكما تعلمون علي ان اجرب نبيذ كل بلدة ازورها .. انا اصلا لا اعرف غير الحانات في كل الاماكن التي وطأتها قدماي .. وما يتبقى يكون مصروف اليوم التالي .. هكذا كانت حساباتي قبل ان اتناول ما تيسر من الطعام و اكملت المشي بحثا عن حانة في مكان ما من المدينة الجميلة .. امضيت ثلاث ارباع عمري اتجول بين الحنات والمقاهي .. بعد السير لمدة عشرين دقيقة اعترضت طريقي لافتة تشير لمبتغاي .. في الحقيقة لا اتذكر هل ولجتها حينها ام لا .. كل ما اتذكره انه بعد مرور سنوات طوال على وجودي في هاته المدينة لا زالت تلك الحانة هي مهربي الوحيد من الناس ومن نفسي .. اتذكر ليلة شتاء مماثلة لهاته اليلة هدوء مخيف يبعث الرعب في كل دابة على وجه البسيطة .. خرجت بعد ما ارتديت معطفي الصوفي المتهري ووضعت وشاح امي الذي لاا يفارق عنقي .. تفقدت محفضتي فوجدت اصبعي الاوسط يمتد منها مشيرا لخيبتي الدائمة .. المال غير موجود ما بك يا هذا !! اما يأست من افلاسك الدائم ؟ الا تزال مصرا على تفقد محفضتك المليئة بالاوراق التافهة التي لا معنى لوجودها !! هذا ما سمعته حينها من مخيخي الغبي ؟ حادثتي بصوت فضّ وقاسي حينها .. لكني لم استمع له فكل ما كان يشغل رأسي كأس نبيذ و علبة سجائر ومرحبا بالشتاء .. خرجت بعد ما تجهزت كنت اعلم اي مكان اقصد لكني لا أعلم كيف ساتدبر ثمن النبيذ ! لاول مرة اقف بهاته البلاهة لا اعلم ما افعله , فقط ربطت حذائي وخرجت ... سرت لمسافة عشرين دقيقة عن المنزل وسط الرياح وزخات المطر ، موجات البرد تجتاح جسدي الضعيف كفيروسات قاتلة ..على حافة الجنون كنت اترنح وحيدا وسط الظلام الحالك متعب الجسد و الروح .. امشي بهدوء بالكاد تسمع خطايا وكاني اسير خطوتين واطير لعشر أخر ..يعم المديِنة الضباب.. تخلو الشوارع من الماره تضاء نوافذ ليِل أخرق اخر ..تأتي تنهيدة ضبابية منِ ذلك الظلام الحالك تحديدا من جثه متهالكة مازلت تنبض..إنه العصيان الفکري عندما يِصفع العقل بماذا تفعل وحيِدا منبوذا ساهرا ضجرا.. تتجول وحيدا وسط دوامات من الأفكار السوداء لاشيِء شي يشغل فكري غير كأس نبيذ ولفافة تبغ معدلة جينيا للهروب قليِلا من واقع تراجيدي أحمق ! شخص مدمن مثلي..لا يضع استراتيجيات..اضع المسدس تحت ذقني وأضغط على الزناد إما أن تقتلني الرصاصة الوحيدة أو أنجو من لعنة هاته المسرحية ...لا أجرب حظي مرتين..... أنا مزاجي جدا لا أعرف الحلول الوسطى أذهب إلى آخر الأشياء ولا أعود... أوقفت هذا الحوار السخيف فيما بيني حين لاحت لي من بعيد لافتة الحانة وقررت الدخول سأجرب حظّي في كأسي نبيذ و في الأخيرإما أن يتصل لي بالشرطة وإما أن يسامح رجل فقيرا قاده إدمانه لحانته وتجرأ على طلب مشروب وجيوبه فارغة .. ودخلت ......

Coin Marketplace

STEEM 0.19
TRX 0.15
JST 0.029
BTC 62948.49
ETH 2583.15
USDT 1.00
SBD 2.74